طقوس وعادات مغربيه

لعادات الزواج لدى المغاربة طقوس وكم هائل من المعتقدات والعادات الموغلة في الثقافة الشعبية، ذلك أن عددا كبيرا منها يرتبط بالغيبيات والأساطير دون أن يوجد لها تفسير منطقي، وأكثرها شيوعا بين الفتيات الأبكار التسابق على مكان العروس، مشاركة خلطة النضارة مع العروس، الاستسلام لقرصها وعضها في الأذن يوم زفافها، أكل الثمر والحليب من ورائها، اقتسام نفس الحناء معها..


ترتبط هذه الطقوس في الغالب بمعتقدات قديمة امحت أصولها الأولى وأضحت مجرد سلوكات تلجأ إليها ذوات الحظ العاثر و"البايرات" للتملي في عريس قد يؤنس وحدتهن، منها تلك المرتبطة بعادات تزويج "العويتقات" اللواتي أدمن على حضور الأعراس واتباع خطوات العروس في كل حركاتها وسكناتها طلبا للفال الذي من شأنه أن يطرد النحس والتابعة التي يعتقدن بأنها تقف حجرة عثرة بينهن وبين الفارس المنتظر..


اخترنا هنا أن نقودكم إلى عالم غريب يحتفل بطقوس بعض الفتيات العذراوات في استجلاب العريس وتستجمع عددا من العادات الطريفة التي لازالت حاضرة بقوة في الأعراس المغربية، لنسوة تحركهن الرغبة الدفينة في أن يكن أول الملتحقات بالعروس مخافة لعنة العنوسة.


أيتها العانسات اضربن الحديد الساخن


"ليلة الحناء" هي بوابة الزواج المغربي إذ تتسم بطقوس ومراسم مميزة، فيها يجتمع أهل العروس وأقاربها وصديقاتها "العزبات" لتقاسم الفرحة والاحتفال ونقش الحناء، كما أن دعوة العذراوات إلى ليلة الحناء يعد شرطا أساسيا في بعض القبائل، نظرا لما يضفيه حضورهن من بهجة وسرور على تلك الليلة، وثانيا لكون مشاركتهن الحناء بعد العروس يمنع الشر والحسد و يجلب للعروس الحظ والذرية الصالحة..


تحرص "العويتقات" على عدم تفويت حضور هذه الليلة لرمزيتها الكبيرة في التبرك من حناء العروس ونقش سبابة وإبهام كل بنت بنفس الحناء التي استعملت لتزيين العروس
تيمنا بقرب موعد الزواج.. غالبا ما تتهافت الفتيات في سن الزواج على حناء العروس، كما يهمسن في أذنها طالبات منها " قرصهن" أو عضهن وتعتبر الفتاة المحظوظة هي التي غنمت " بالقرصة الأولى" قبل اجتماع المدعوات.


إن قرص العذراء في أسفل قدمها حسب المعتقد الشعبي، يجعلها أقرب إلى لائحة المتزوجات أبعد ما تكون عن العانسات أو "البايرات"، إذ أن هذه الحركة على بساطتها وانعدام أي تفسير منطقي لها تجلب الحظ للمدعوة العذراء حتى تتبع العروس سريعا، تقوم العروس بهذه الحركة باسمة وهي تهمس في أذن " العزبات" قائلة: " عقبى ليكم، بالصفا والنية قرصتكم، وبسعدي شبهتكم" في تلك الأثناء تبدأ مراسيم الحفل بالغناء و الزغاريد، حيث تردد النسوة الحاضرات أهازيج من قبيل: مدي يديك مديها.. بالحناء رديها
يا العزبة يا العذراء قالت ليك أمك ..




الفتاة التي تساعد في إزالة حناء العروس تكون حسب المعتقدات الرائجة، عذراء بكر، لم يسبق لها الزواج، ذات سمعة جيدة، يعهد لها بهذه المهمة إلى جانب قريبة من العروس تكون في الغالب خالتها أو عمتها، ويشترط في " العزبة" التي تشارك في إزالة نقش الحناء أن تكون ثقة وتحرص على أن لا تسقط أي قطعة من الحناء في الأرض، لأن ذلك نذير شؤم للعروس، وكذلك أن تخفي بإتقان بمعية والدة العروس بقايا الحناء حتى لا تمتد إليها يد من يبطنون النوايا السيئة فيقوموا بعمل سحري من شانه إصابة العروس بالعقم، تحتفظ الفتاة بعد انتهاء هذه العملية برباط الصوف الذي يكون على معصم العروس مزينا بـ "خميسة" وهي عبارة عن كف متلاصقة الأصابع، تصنع من الذهب أو الفضة أو النحاس أو العاج أو غيرها من المواد المعدنية حتى تكون في مرمى بصر الآخرين، فتبطل مفعول كل عين شريرة.


احتفاظ الفتاة البكر، بهذا الرباط الصوفي يجلب لها الحظ السريع، وقبل أن يدور عليها العام يتردد على بيتها الخطاب، ويبتسم لها حظ الزواج.


وفي بعض القبائل فإن الفتاة التي ترافق العروس وتضع لها الحناء، حين تنتهي من مهمتها، تضع الإناء (الطيني) الذي يضم بقايا الحناء فوق رأسها وهي ترقص وتغني، ثم في نهاية الحفل، تسقط الإناء بقوة على الأرض كي يتكسر، حيث كانوا يعتقدون بذلك إبعاد التأثيرات الشريرة المتربصة بعروس المستقبل.


لجلب الحظ تحرق صرة العروس


من أهم طقوس جلب الحظ للعذروات في العرس المغربي، حصولهن على " صرة العروس" قصد إحراقها والتبخر بها، وهذه الصرة هي عبارة عن حرز يتكون من سبع حبات من "حبة حلاوة" و"سبع حبات من الحرمل" و"سبع حبات من القزبر" " سبعة فصوص من الثوم" تيمنا بما لرقم سبعة من دلالة خاصة سواء في التفسير الديني أو التراث العربي الإنساني.


تحتفظ العروس الخائفة من العين هذه الصرة ليلة زفافها في حمالة صدرها ، ويعلق العريس خميسة صغيرة في سلسلة عنقه الذهبية، أو يدس في جيبه رصاصة نحاسية تم إطلاقها من بندقية، يوم الأربعاء الأخير من الشهر القمري، وفور انتهاء مراسيم الزفاف، تسلم العروس " الصرة" إلى إحدى صديقاتها المقربات أو بنات العائلة من العذروات البكر، حيث يقمن بحرقها وإطلاق دخانها الذي يفك التابعة والعكس ويعجل بزواج من تقوم بهذا الفعل، وفي تفسير آخر تجتمع الفتيات العازبات الحاضرات وتأخذن الصرة، ترسمن على الورق الأزرق المستعمل في تلفيف السكر خاتم سليمان (عبارة عن مثلثين متقاطعين)، يحرق وتتبخرن به، وعلى الفتيات أن يمارسن هذه العادة كما تعارف عليها سكان المنطقة من أجل " سعد وميمون جيد".و يقول المعتقد الشعبي أن التخلي عن هذه العادة هو نذير شؤم لحياة العروس.


الحناء باب نحو الزواج
حمام العروس، الذي يسبق ليلة الحناء، يخضع لمجموعة من التقاليد والعادات التي تمتزج فيها الخرافة بالسحر والخوف من أذى العين الشريرة، حيث ترافق العروس صديقاتها وقريباتها من الأبكار، في السابق كان يتم حجز الحمام العمومي خصيصا لذلك اليوم، فينظف قبل حضور العروس، ويعطر بمختلف أنواع البخور، وتتم إضاءة أركانه بالشموع البيضاء.. أما اليوم فقد تم الاكتفاء بالذهاب إلى الحمام العمومي دون حجزه برمته، مع تقديم الوفادة إلى القيمين على هذا الفضاء من سكر وتمر وحناء للتيمن بالدعاء ودرء العين الشريرة.


لهذا اليوم خصوصيته الشديدة أولا للعروس، وثانيا للعازبات المرافقات؛ اللواتي يدخلن بالزغاريد ممسكات الشمع المضاء كدلالة على تنوير مستقبل العروس جميلة جدا..كما ترددن الزغاريد ليتحول هذا الفضاء إلى مكان مصغرا للاحتفال بالزفاف.


و يتميز حمام العروسة المغربية بضرورة وجود أعشاب معينة لتكتمل طقوسه و عاداته
وهي عبارة عن ورد و حناء و غاسول و ماء ورد و صابون مغربي ومزيج من القرنقل وبعض العطور، تحضرها أم العروس لابنتها لتمنح بشرة ابنتها إشراقة ونضارة طبيعية تسر العريس والناظرين في ليلة عمرها.


تتسابق الفتيات "العويتقات" على مشاركة العروس خلطتها " السحرية" استبشارا بالخير


ويعد تقاسمهن لخلطتها من علامات الفـأل الحسن وجلب الحظ أيضا، واستكمالا لحلقة الحمام، ترتدي الفتيات أيضا ملابس جديدة، شأنهن في ذلك شأن العروس التي تزيد عليهن ببرقع أبيض تحجب به وجهها عن الناظرين، لمنع الحسد عنها وطرد أي شر، فور الوصول إلى البيت تستقبل العروس رفقة مرافقتها بالتمر والحليب ورش ماء الزهر، وتحمل صديقات العروس الفتاة بينهن إلى غرفتها استعدادا لليلة الحناء.


مكان العروس و"ثمرة الحظ"


تحظى ثمرة العروس باهتمام كبير من لدن المدعوات وخاصة الفتيات العازبات ممن يعتقدن أن قضم ما تبقى من ثمرة العروس يجلب الحظ والخير لهن ويعجل بزواجهن ، ولذلك فإن معظمهن تتسابقن على هذه الفاكهة الجافة، وتعتبر من نالتها محظوظة جدا.


كذلك تتحرق الفتيات العازبات على الجلوس في مكان العروس وتتحين الفرصة لذلك، وفور قيام العروس لتغيير ملابسها، يبدأ الدور على المكان الذي يحظى بمكانة وقدسية خاصة تعني أن من نالت حظا أطول في الجلوس وراء العروس تلحقها دون شك في نفس السنة.


كما في الحكم للسلطانة وزيرات


جرت العادة في أغلب مناطق المملكة أن تدخل العروسة بلباس أبيض، أما النساء المدعوات فلا يرتدين غير القفطان أو التكشيطة المغربية، لكن تنعم بعض الفتيات ممن لا تتجاوزن العشرين بامتياز يجعلهن في مرمى الخاطبات اللواتي يحضرن العرس وأعينهن تنقب عن عروس، إذ أن الفتيات واللواتي يلقبن " بالوزيرات" ويكن في الغالب أربعة ترافقن العروس عند كل تغيير مع النكافة التي يعهد لها بهذه المهمة، ويرتدين مع العروس لباسا صمم خصيصا لهن مع بعض الحلي الفضية التي تميزهن عن المدعوات، وترافق في بعض المناطق الوزيرات العروس حتى تقفل باب ليلة الدخلة وترقصن بالدف أمام البيت كما تنثرن بعض الأرز أو القمح تيمنا بمستقبل زاهر..


وبهذه العادة يكون للعذراوات فرصة الاقتراب من العروس ومؤازرتها، وكذا الاحتفال بطريقة تجعلهن يضمن استمرارية هذه العادة المتوارثة.


.دفلة في اليد تنجي من العنوسة




من الطقوس الغريبة التي تلفها هالة من الغموض، ما ذكرته بعض الطاعنات في السن حول نجاعة " بصاق" العروس في فسخ أعمال السحر والشعوذة وجلب الحظ والخير للفتاة، صبيحة الدخلة حيث تأتي عائلة العروس وصديقاتها لزيارتها تحرص معظم الفتيات وخاصة بنات البوادي ممن لازالت هذه العادة قائمة بينهن على التسابق على الذهاب إلى بيت العروس، مصحوبات بمختلف أنواع الحلويات والمأكولات وتدخلن إليها مباركات وقد علاه الخجل أو " السر" كما يسمينه، وتكتسي هذه المباركة طابعا غرائبيا إذ تقوم العروس ببصق اليد اليمنى للفتاة المباركة متمنية لها حظا حسنا.


في العرس كل شيء جالب للحظ


أي تفصيل مهما كان صغيرا أو مهملا يرد له الاعتبار ليلة العرس، بل تولى له عناية خاصة في سبيل تسهيل الطريق أمام العذراوات، بدءا من آنية الحناء، مرورا بصرة العروس وانتهاء بالشرائط الملونة التي تزين بها السيارة التي تزف فيها العروس.


بعد انتهاء مراسيم العرس، تعمد الفتيات إلى أخذ هذه الشرائط وتتبخرن بها من أجل فك التابعة والوقاية من سوء الحظ، وفي بعض البوادي يتم استبدال شريط السيارة ببعض من لجام الدابة الذي تحمل فوقها العروس إلى بيت زوجها، وفي بعض البوادي يتم استبدال هذه الأشرطة الملونة بجزء من لجام الدابة الذي تحمل فوقها العروس.


يدك على الحزام آلعويتقة


في تمام اليوم السابع، تجتمع العائلة والصديقات مجددا في بيت العروس التي ترتدي خلالة بيضاء وتتم منطقتها بحزام يختلف لونه من منطقة إلى أخرى، كما تعد في الصباح الباكر بعض الفطائر تضعها على ظهرها وتخرج أمام البيت وصديقاتها خلفها، ترمي تلك الفطائر التي أعدته ولفتها في منديل أبيض وتجري مختبئة، بينما تجمع صديقاتها الفطائر وتدخل بالزغاريد مرددات: "خرجناها بوتيد دخلناها بوليد" وتعد هذه العبارة بمثابة دعاء للعروس بالإنجاب.


تقتسم "العويتقات" فطيرة واحدة بينهن، فيما يقام حفل شاي على البقية، يتم أثناءها تحزيم العروس التي تكون طيلة سبعة أيام الماضية دون حزام، ويشترط في حزام العروس أن يحتوي على يد فاطمة الحجاب الشهير نطلق عليه في تعبيرنا المغربي الدارج إسم " الخميسة"، إذ أن الاعتقاد في خصائصها السحرية مشترك بين المسلمين واليهود المغاربة قديم جدا، حيث وجدت بعض البقايا الأثرية الشبيهة بيد فاطمة ضمن المجوهرات التي عثر عليها بموقع شالة بالرباط وتعود إلى العهد الروماني.


وبما أن أصابع اليد الخمسة هي الحامي الذي يلجأ إليه للوقاية من العين، فتكفي تسميتها بمد اليد، أو أن يردد المرء عبارة "خمسة في عينيك" حتى يبطل مفعول العين الشريرة.


إن هذا التنوع في هذا الإرث يجعل المغرب واحدا من أغنى البلدان في العالم من الجانب الثقافي، ورغم اختلاف هذه الطقوس إلا أن القاسم المشترك بين كل هذه العادات هو الحرص على إعطاء كل ارتباط جديد حالة خاصة تجعل لكل المدعوين نصيبا منها، وخاصة الفتيات "المادات يديهن للحنة".


إن هذه التجليات تشير كلها إلى مزيج من العادات والتقاليد التي تحركها الرغبة في الاستقرار نظرا للرمزية التي يحظى بها الزواج في المجتمع المغربي.