بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
فوائد مغربيه باعضاء الحيوانات
صفحة 1 من اصل 1
فوائد مغربيه باعضاء الحيوانات
خصائص السحر في الحيوانات:
الحيوانات والسحر
لا يخلو دكان من دكاكين الأسواق العامرة المتخصصة في بيع مستحضرات السحر من حيوانات محنطة (طيور، قوارض، زواحف، وغيرها) تتدلى ومن تحتها في السلال والأقفاص والقناني حيوانات أخرى تطلب حية (سلاحف صغيرة، قنافذ، حرابي,,, الخ), ويؤكد ذلك من دون شكل الحضور المهم للحيوانات في المعتقدات السحرية, على الرغم من أن المعروض منها لا يمثل إلا جزءاً ضئيلاً فقط من العالم الغريب الشائع للحيوانات المنذورة لأغرب الوصفات.
وحسب مصادرنا الشفوية واعتمادا على بعض مصنفات التراث السحري المكتوب، فإن من أهم العناصر ذات الأصل الحيواني المعروف، هناك مثلا: شحم القنفذ، عظام الحنش وجلد السبع والحنش والثعلب والغزال والذئب، والقنفذ والغزال، خصية الذئب وزبله، قشرة الأفعى ورأسها، عين الهدهد وريشه ودمه، دم الخفاش، دم الغراب، دم الثعلب، دم العصفور، الحرباء وبيضها، السحالي، البوم، مرارة الغراب، عش الخطاف,, الخ, هذا بالنسبة للحيوانات البرية، أما الحيوانات الأليفة، فأهمها: بعر الماعز واظلافه ومرارته، روث الحمار، بول الكبش وبول البغلة، وسخ أذن الحمار، دم الأرنب وكعبه وقلبه، بيض الدجاجة، بيض الديك (كذا) بيض النمل، مخ الديك الأبيض والأسود، مخ الحصان، مخ الحمار ولسانه، مخالب الدجاج، السمك، حوافر الدواب، البق، الذباب، الفئران وغيرها.
وان الاعتقاد في وجود خصائص سحرية لدى الحيوانات قديم جداً في المغرب، ومن المعتقدات التي مازالت شائعة حتى اليوم أن صوت البوم هو نذير شؤم، وأن ذلك الحيوان الليلي الذي يفضل العيش في الخرائب, إذا حلق أو وقف فوق ملابس الطفل الرضيع، حين تكون معروضة فوق حبل الغسيل، فإن الطفل عندما يلبسها يصاب بمرض شديد.
الكبش والدم
أما الكبش سيد القطيع الذي كان مقدساً لدى أسلافنا البربر في أزمنة غابرة وسابقة على الفتح الاسلامي، فإن نحره كأضحية في العيد الكبير، عيد الأضحى، ترافقه طقوس تحركها معتقدات سحرية، لاتزال تمارس حتى اليوم, فعند نحر أضحية العيد، تشرب «الشوفات»، وهن أولئك النسوة اللائي يمتلكن «بركة» كشف أسرار الغيب، كثيراً من دم الكبش الحار، لأنه يقوي لديهن القدرة على قراءة الغيب, كما يتم تجفيف ذلك الدم واستعماله للتبخر به أو في بعض الوصفات السحرية الأخرى التي تقوم بها المرأة لامتلاك قلب الرجل.
وتسمح القوة السحرية المضاعفة لدم أضحية العيد، لبعض العرافين بالتنبؤ بأحداث السنة المفرحة أو المفجعة وذلك بحسب شكل الدم، وبعض التفاصيل الثانوية الأخرى التي يمتلكون وحدهم أسرار استقراء مكنونها.
وليس الدم وحده، بل إن عظم كتف الكبش أيضاً يكشف لكل ذي عين بصيرة أحداث السنة التي تمتد من العيد الى العيد الموالي,,, وبعد قراءة «أسرار الكتف» كما تسمى، يتم الاحتفاظ بذلك العظم السحري الى غاية عاشوراء، حيث يتم التخلص من «سحره» بدفنه تحت اسم «بابا عيشور».
وإذا كانت هذه الطقوس السحرية لا تمارس في كل الأوساط المغربية، فإن هناك عادة ترتبط بمعتقدات سحرية لاتزال تمارس في كل البيوت, ونقصد بالطبع تعليق مرارة كبش العيد بعد نزعها من كبده على حائط بالبيت, وتبقى معلقة به الى أن يتم استبدالها بمرارة جديدة, وحسب المعتقد القديم الذي أطر هذه العادة القائمة على نحو واسع حتى اليوم، فإنه في المرارة يتم تركيز كل مرارة الحياة للتخلص منها خارج الذوات، كما أن تلك المرارة تحمي طرفي العلاقة الزوجية من الخصام، حيث تجذب اليها مرارة المشاكل الحميمة في البيوت.
حيوانات مائية
وتحظى الحيوانات المائية بقدر غير يسير من الأهمية في معتقداتنا السحرية، فنقط تواجد الماء، ولذلك يسود الاعتقاد في قدرة الجن على الحلول في بعض الأحياء المائية, ففي العيون المالحة التي تنبع من مغارة (ايمنفري) بضاحية دمنات تسبح سلاحف كانت تحظى باحترام وتقديس اليهود والمسلمين من سكان المنطقة، الذين كانوا يقدمون اليها القرابين.
أما في موقع شالة الأثري بالرباط، فعند خرائب قاعة الوضوء القديمة توجد عين ماء عذبة تعيش فيها أسماك حنكليس اليفة (تسمى محليا النون, مفردها نونة)، من بينها ملكة أصبحت منذ أمد بعيد غير مرئية، ويقال إنها سمكة حنكليس عجوز لها شعر ،وأذنان مسترخيتان, وفي كل يوم أحد، خلال ساعات الساخنة التي يكون فيها الجن أكثر حدة (شياطين الزوال)، وخطيرين لكي يسهل الوصول اليهم، كانت النسوة يعملن البخور على جنبات الصهريج وترمين قطع أحشاء الحيوانات وكريات من عجين الدقيق، مخاطبات الأسماك قائلات: «خذي عارك التي أعطيتنا، هذا العار ترمى علينا واحنا كنرميوه عليكم»، وحتى سنوات قليلة ماضية، يذكر كاتب هذه السطور أنه رأى نسوة ينثرن لأسماك الصهريج الظليل البيض المسلوق ويرمين اليها بقطع من النقود, ويحتل الدجاج موقعاً متفرداً في صدارة الحيوانات المستعملة في تحقيق أغراض سحرية, فالديك الذي يعلن عن فرار شياطين الليل في الضحى، لا شك أن له خصائص ينفرد بها عن غيره من الطيور الداجنة والبرية.
ولذلك ربما كان أكل الديكة أحسن طريقة لكي يصبح الرجل فقيها شهيرا، في تافيلالت,, بمعنى آخر فإن التغذية بهذا الطائر أو بعض أجزاء من جسمه (خصوصاً الرأس) يفترض فيها أن تمنح الإنسان الخصائص العجيبة للديكة،, وبالمثل يحظى الدجاج، بشكل أعم (ذو الريش الأبيض أو الأسود أو الأحمر، على الخصوص) بمميزات تجعله يستعمل في مالا نستطيع حصره من الوصفات ذات الأعراض المتنوعة.
وتستعمل الحرباء في وصفات ابطال مفعول السحر الأسود، بينما يستخدم بيضها في اعداد وصفات التوكال» التي تعطى «في الأكل، للغير بغرض القتل البطيء، وأيضاً لكل فتاة تشتكي من العنوسة، ينصح العشاب بالتبخر بالعرعار و«تاتة عويتقة» أي حرباء بكر كيف يميزون جنسها وعذريتها؟) ولأجل ذلك تهيئ الفتاة النار في مجمر، فترمي في لهيبها الحرباء المسكينة حية مع العرعار وتعرض نفسها للدخان المتصاعد الذي يعتقد أنه يبطل مفعول السحر المعمول لها، كما تستعمل الحرباء أيضاً لعلاج «التوكال» حيث يأخذ المصاب به، هذا الحيوان الكسول بعد أن يذبحه ويغسله، يتناول لحمه.
مخ الضبع ولسان الحمار
حسب لاوست، فإن شعوب الشرق الأوسط تقاسم المغاربة اعتقادهم في القوة السحرية للضبع، وربما كان اقتيات هذا الحيوان الجبان على جيف الحيوان والإنسان هو السبب في ما الصق به من قدرات عجيبة على التأثير في البشر بمجرد لمسهم لأي جزء من جسمه «لدرجة أنه يفقدهم عقولهم، ولذلك تخلط النساء الراغبات في الانتقام من أزواجهن، أو في ضمان خضوعهم التام، أجزاء من مخ الضبع في الأكل, ويحدث كبد الضبع نفس المفعول، كما تستعمل الأجزاء الأخرى من جسمه كالجلد واللسان وحتى البراز والبول في اعداد تمائم لحماية الخيل، وإخراس نباح الكلاب وزيادة الزبدة في «الشكوة».
وحسب بعض المصادر الشفوية، فإن وضع قليل من مخ الضبع فوق رأس الرجل يؤدي به إلى الجنون, أما إعطاؤه له مع الأكل فينتج عنه موته فوراً, ولا نملك تأكيداً من المراجع العلمية لهذا القول المخيف.
وفي الأوراق التي تركها الطبيب النفسي موشون (الذي شكل اغتياله في مراكش في بداية القرن العشرين المبرر المعلن للتدخل الفرنسي لفرض الحماية، نقرأ وصفة غريبة تجمع بين الخصائص السحرية المزعومة لكل من مخ الضبع ولسان الحمار، حيث كتب نقلا عن مصادره يقول: «لكي تهيمن المرأة على زوجها، تهيئ واحدا من الفصوص السبعة لمخ الضبع مع بعض التوابل (التي لا نرى داعيا لذكرها)، ثم تضعه في كيس صغير تحمله معها، وفي الوقت نفسه، تطعم زوجها لسان حمار تم جزه من الحيوان وهو لا يزال بعد حيا, وستصبح منذئذ سيدة البيت، اذ سيرتعد الزوج أمامها كما يرتعد الحمار في مواجهة الضبع.
ملاحظة
ونسجل هنا ملاحظة جديرة بالتأمل فعلى العكس من السحر الشعبي الذي يزعم أن من شأن لمس أي جزء من جسم الضبع أن يؤدي بالإنسان الى الجنون, لم نعثر في مصنفات السحر الرسمي (أي كتب السحر المتداولة) التي تأتى لنا الاطلاع عليها، أدنى وصفة تشير الى الاستعمالات الممكنة لأعضاء الضبع في وصفات بغرض إلحاق الأذى بالغير, وعلى نحو مفارق، جاءت كل الوصفات التي صادفناها محققة لأغراض «سلمية» نورد بعضا منها في الفقرة الموالية.
ربما كان ذلك احتراسا من رقابة الدين الذي يحرم السحر الأسود كما أسلفناه، أو ربما لكون الاعتقاد في القدرات السحرية القوية لأعضاء الضبع - وفي مقدمتها مخه - ظهرت في «المغرب في فترة متأخرة، ولاحقة على صياغة المصنفات إياها، التي وضعها بعض المتصوفة خلال العصر الوسيط.
والثابت أن خوف المغاربة من الضباع جعلهم يستهدفونها بالقتل المجاني، بهدف القضاء علىها في أماكن انتشارها في الجبال والصحارى, وكلما قتلوا ضبعا يسارعون الى قطع رأسه ودفنه في مكان آمن، بعيداً عن الأيدي الآثمة, ونتيجة لذلك، أصبح هذا الحيوان الجبان موضوعا على لائحة الحيوانات المهددة بالانقراض في المغرب، حالياً.
والثابت أيضاً أن مخ الضبع يعتبر من أندر المواد السحرية وأغلاها، إذ يصل سعر الغرام الواحد منه في الأسواق «السرية» الى مليون سنتيم، وإذا استحضرنا ذلك، فإننا سندرك دون عناء في التفكير، أن دماغ ضبع واحد يساوي ثروة حقيقية.
وبدرجة أقل، من حيث الشهرة في أوساط العامة، يشكل الحمار بديلاً مكملا في الوصفات التي تستهدف بها النسوة المقهورات كبح تسلط الأزواج, ويلح مصدر شفوي على أن جز لسان الدابة وهي على قيد الحياة هو شرط أساسي لضمان شدة المفعول السحري للسانها, بينما يتضاءل ذلك المفعول أو ينعدم حين يذبح الحمار، ليقطع لسانه بعد ذلك.
وتتطابق كل الافادات التي استقيناها حول الموضوع في حصر لسان الحمار في الاستعمالات المطبخية، عكس الاستعمالات المتعددة التي يتيحها مخ الضبع وأجزاء جسمه الأخرى.
وصفات للتأمل
هنا نقدم بعض وصفات التأمل السحرية
قلب النسر الملفوف في جلد الضبع، إذا كتبت عليه أسماء القمر ورسم يمثل كلبا يعض ذيله، فإن من يحمله لا تنبح عليه الكلاب.
عيون سرطان النهر والقط الأليف والهدهد إذا جففت في الظل وخلطت مع قدر وزنها من الكحل الأصفهاني ثم استعملت كقطرة للعين قبل طلوع الشمس، فإنها تسمح برؤية الجن.
قلب الثعلب وقلب البوم وقلب اليربوع (فأر البراري)، إذا جففت جميعها تحت الشمس ولفت في جلد أسد فإنها تحمي حاملها من الجن والإنس والحيوانات المتوحشة.
مرارة دجاجة سوداء ومرارة قط أسود ومرارة خطاف أسود ومرارة تيس أسود تجفف مع مقدار وزنها من الكحل مضافا اليها بعض المواد الأخرى، إذا تم تقطيرها في العينين «فإنها تسمح بالرؤية في ظلام الليل كما في النهار».
زبل الضبع إذا دهنت به احليلك وجامعت المرأة فإنها نجد لذة عظيمة، وكذلك إذا دهنت بلبن (حليب) الحمارة.
تأخذ مرارة كبش سمين وتطلي بها ذكرك عند الجماع، فإن المرأة تحبك حبا شديداً.
ينفع لتقوية الجماع أيضاً: «بيض الديك وقضيب الذئب ومرارته».
من أخذ شعر رأس كلب وبخر به، زال عنه الاعتراض (أي فك سحره).
لعدم الحمل: تأخذ خفاشة (أنثى الوطواط) تذبحها وارم مافيها (أي ما في جوفها) واعمله في الوسادة وهي (المرأة التي لا تريد أن تحمل) نائمة، فإنها لا تحمل أبدا ما دام الخفاش في الوسادة.
لعدم الحمل كذلك، تسقى المرأة بول بغلة كل شهر (أي تشربه) أو تشرب وسخ أذن الحمار، أو تعلق قلب الأرنب مع النعناع على جسمها، أو تتناول ثلاث أو خمس ذبابات بعد أن تفعصهم في مغرفة (ملعقة كبيرة) مع الزيت وتشربها، فإنها لا تحمل.
لرد الثيب بكرا: تأخذ مرارة ثور وتغمس فيها صوفة (أي قطعة من الصوف) وتدخلها المرأة في فرجها طويلاً، فإنها تعود كالبكر, ويضيف السيوطي مؤكدا أن هذه الوصفة مجربة (كذا).
لعلاج الحصى في الكلى: تأخذ روث الحمار (زبل الحمار طريا) وتعصره وتأخذ الماء الخارج منه وتسقيه العليل فإنه نافع له.
لكي تجعل امرأة عاقراً مدى الحياة، اجعلها تبتلع حبوب شعير سقطت من فم بغلة بعد أن تبللها بدم حيضها، أو تذبح طائرا وتحشو جسمه بقطعة ثوب مدنسة تؤخذ من الأشياء الخاصة بالمرأة المستهدفة، ويدفن الطائر في مكان مجهول، وإذا ندم الفاعل وأراد ابطال العملية السحرية، فما عليه إلا أن يخرج الطائر من قبره ويتبول عليه ثم يرميه الخ، فإن المرأة سوف تلد من جديد.
محاولة للفهم
ما وجه العلاقة بين قلب الأرنب ووريقات النعناع ومنع الحمل أو بصيغة أخرى، كيف يتشكل الاعتقاد السائد في وجود خصوصيات سحرية لدى الحيوانات؟
بالنسبة الى ادموند دوتيه، فإنه «من دون شك، نجد هنا ترابطاً بين أفكار غريبة لا نعرفها، ويمكن أن يحصل الترابط ليس بين الأحاسيس، ولكن بينها وبين الحالات العاطفية المرافقة لها، أو تلك التي رافقتها مرة واحدة (,,,,) فالشخص الذي حقق السعادة يوم حمل شيئاً معينا، نستنتج أنه كلما حمل ذلك الشيء إلا وسيحقق نفس السعادة,,»
إن الأمر لا يعدو أن يكون، برأي الباحث الفرنسي، سلسلة من المصادفات المتفرقة انتهت الى اقامة علاقة غامضة بين السبب والنتيجة.
ويشكل مبدأ التشابه المعروف لدى علماء الأنثربولوجيا، قاعدة عامة تكاد تقوم عليها أغلب الوصفات التي قدمنا نماذج منها, فإذا كان ترابط الأفكار التي انتجت لنا في نهاية المطاف الوصفات الغريبة، غير واضح المعالم، فإن اللجوء الى نظرية السحر التشاكلي، أو سحر المحاكاة، التي يقوم عليها المبدأ القائل بأن «الشبيبة ينتج الشبيبه» يسعف في تلمس بعض عناصر الفهم بخصوص موضوع الاعتقاد في وجود خصائص سحرية لدى الحيوانات.
فنقول بالنسبة للوصفة القاضية بأن يطلي الباحث عن إثارة الجماع عند المرأة، قضيبه بمرارة كبش سمين إن الكبش السمين يحيل على معاني القوة والفحولة, ونستنتج من ذلك أن استعمال عضو من أعضاء الحيوان القوي من شأنه أن ينقل الفحولة الى الشخص الذي يطلبها من خلال العملية السحرية.
أما الوصفة الأخرى التي أوردها الطبيب موشون والمتعلقة بجعل المرأة الولود عاقراً مدى الحياة من خلال جعلها تبتلع حبوب شعير سقطت من فم بغلة,, فمن المعروف أن هذا الحيوان ارتبط في ذهن المغاربة بعدم الانجاب، اذ تنفرد البغلة من دون باقي اناث الحيوانات الدواب بالعقم، حتى درجوا على القول بأنه «يوم تلد البغلة، ستفنى الدنيا في إشارة مجازية الى استحالة أن تنجب البغلة» وكذلك الأمر حين تدعي الوصفة الأخرى أن المرأة التي تسقى (تشرب) بول البغلة لن تحمل,,, فالفكرة المضمرة في كلتا الوصفتين أن المرأة التي تقسم البغلة شعيرها أو تشرب بولها، ستصبح شبيهة بها في عدم الانجاب, وقياساً على هذا المثال، تبدو الوصفات الأخرى قابلة لكشف ترابط الأفكار التي نسجت منها.
الدم والقربان,,, مشاعر سحرية غامضة ومخيفة
يثير الدم في النفس البشرية مشاعر غامضة، تتأرجح بين الخوف والتقديس، فسهولة انسيابه، حرارته لونه الاحمر القاني ورائحته المتميزة، جميعها خصائص تثير بعنف خيال الناس قليلي المعرفة, ان الدم هو طابو بالنسبة للمغاربة، اذ يحرمون تناوله في الأكل او شربه، ويحذرون ان يطأوا بقعة دم منتشرة على الارض, بل انهم يتجنبون مجرد الاقتراب من اماكن تواجد الدم لاعتقادهم في ان الجن يتردد عليها وبسبب كل ذلك وغيره يحظى الدم في اعقتادهم بخصائص سحرية تجعل منه احد العناصر المهمة في وصفات السحر سواء اكان دم بشر او حيوان.
فبالنسبة للسحر بالدم البشري يحفل التراث السحري بالكثير من الوصفات التي تستعمل في الغالب اما دم الشخص نفســه المســتفيد من العــملية السحرية وصفات سحر الحب (او دم المــوتى او دم الحبيب او الغريم) وسنكتفي من كل ذلك بنموذج واحد شــائع حــيكت حوله الكثير من المعــتقدات هو «دم المــغدور».
دم المغدور
يعتبر دم كل شخص فارق الحياة في حادث قتل عنيف دما سحريا يستعمل في وصــفات الحاق الاذى بالآخر.
وتتهم العجائز في شكل خاص باقتناص فرص الارتباك الذي يحصل بعد وقوع حــوادث الســير المميتة لأخذ قليل من الدم المتناثر على الاسفلت في قطعة ثوب او في ذيول الجلباب.
وحسب افادات بعض المصادر الشفوية فإن هذا الدم السحري كفيل بإحداث اضطرابات صحية خطيرة للأطفال الرضع الذين لم تظهر اسنــانهم بعد كما يستعمل من قــبل المــرأة التي تريد الانتقام من زوجها حيث يؤدي بالرجل الى فقدانه لقواه العقلية حيث سمــعنا قولا يردده بائع اعــشاب ومستحضرات سحرية يــنادي على الزبــائن في جوار ضريح ولي قائلا «هنا دواء دم المغدور ديري ليــه دم المغــدور ياش تحمقيه وتــخليه يدور» وهو ما يعكس مدى اعتــقاد العــامة في القــدرات العجيبة لهذا الدم اما بالنسبة للــطفل الرضــيع فإن الامهات يحرصن على إبــقاء اطفــالهن الــرضع بعــيدا عن النــساء اللــواتي لا يثــقن في نــواياهــن, وحسب ما هو شــائع، فإن مجرد دخول شخص يحمل وســط ملابــسه «دم المغدور».
والتقاط حاسة «الشم» لدى الرضيع الذي يكون حساسا خلال تلك السن المبكرة للأصوات والروائح، يكــون كافــيا لإصابة الرضيع باضــطرابات صحية قد ينجم عنها عدم التئام عظام جمجمته وتسمى هذه العــملية «الشم».
ولأن الشيء يحدث الاثر كما يحدث نقيضه بحسب الظروف فإن دما آخر تمنحه معتــقداتنا خصائص سحرية مباركة يبــطل المفــعول المــؤذي لدم المغدور، وهو دم اضحية العيد المعروفة في هذا الصدد نذكر:
عندما يبلغ الرضيع اربعين يوما تقص خصلة من شعر قفاه يضاف اليها قليل من الكبريت ودم اضحية العيد المجفف ثم تخفى في حجاب يعـلق في عـنق الطفل.
يؤخذ دم اضحية العيد مع الزعفران الحر والقرنفل والسـانوج وتمـزج هذه المـواد مـع الـزيت وحليب الأم ليدهن بها رأس الرضيع.
يمزج دم الاضحية مع مريوت فراسيون والروضة وزيت الزيتون ويدهن رأس الرضيع بهذا الخليط.
علاج بعض الأمراض
ولا يقتصر استعمال دم اضحية العيد على الوقاية من الآثار السحرية المؤذية لدم المغدور على الرضع، بل ان المجتمعات المسلمة في دول المغرب العربي تستعمل دم الضحية طريا لعلاج بعض الامراض العارضة التي تصيب الكبار ايضا, كما تقوم ربات البــيوت بأخذ كمية من ذلك الدم لتجفيفها والاحتفاظ بها قصد التبخر بها لطرد الجن كما يدق الدم المجفف ويخلط مع الحناء لعلاج بعض الامراض النسائية خصوصا منها تلك التي تصـيب الثدي.
والحقيقة ان دماء الحيوانات تستعمل على نطــاق واســع في اعمال السحر، الداجــنة منــها او المتوحشة, وتشــمل لائحــتها خليطا عجيبا من كل الكمــيات والاصــناف، ويمتد مــن دم البــقة الــى دم الثور.
قرابين الدم
يعني القربان في علم الاجتماع «كل ما يتقرب به الى القوى العلوية من ذبيحة وغيرها» وقد تكون هذه القـوى الهـا او غيرها من القــوى فوق الطبيعة الاخرى: جــن، اولياء، ارواح، الخ واذا كانت لكل قربان دلالته وقيمــته الرمزية فإن اكثر انواع القرابين قيمة هي الذبائح التي تراق دماؤها خلال طقوس دينــية او سحرية على مكان مقدس.
وتختلف طبــيعة القرابين باختلاف المــناسـبات والجهة التي تقدم اليــها والشائع في معتقداتنا ان الجن يفضل من القــرابين بشكل عام المواد الغــذائية مثل فول، حليب، كسكس باللــحم ومن دون ملــح، الــخ ومــن الذبائح التي تحظى بالأفــضلية لديه ذبائح الدجاج والماعز الاسود, وتقتضي طقــوس تقديمها ان ينحر طائر الدجاج الابيض او الاســود او الأحمر حسب المناطق والمناسبات والمقاصد في الاماكن التي يعتقد في تواجد الجــن بها خصوصا مجاري المياه العدمة ثم يترك دم الذبيحة يسيل وينــثر بعد ذلك ريشها وامعــاؤهــا كــي «يلــتهمــها الجن» مع منع القطط والكلاب من الــنيل من تلك الوليمة الغريبة.
وحسب بعض الإشارات التـاريخـية فإن بعـض الانهار المـغربية كانت تشـهد اراقة دماء الذبائح بهدف التقرب والتودد الى الجن الذي يعتقد السكان في وجودهم في مياهها كما كانوا يريقون دماء الطيور في المغــارات والآبـار وغيرها من الاماكن المعتقد في وجـوده فيها لكن القرابين المقدمة للأولياء المنتشرين بكثرة في المغرب تظل الاكـثر انتـشارا وعلانية.
وحسب الملاحظة، يمكن تصنيف هذه القرابين الى صنفين رئيسيين: من جهة نجد القرابين العادية التي تتوافد مع الزوار بشكل يومي حسب اهمية ودرجة شهرة الولي وتتمثل في الشموع والاعطيات المالية التي تقدم لدفــين الضريح من خلال اقرب الناس اليه اي المشرفين على ضريحه ويستمد هذا النوع من القرابين ضرورته وفق الاعراف القائمة من كونه يعتبر وســيلة تواصـل تسمح بربط وشائج علاقة روحية بين المريد وصاحب «المقام» اذ لا تجوز في عرف العامة زيارة الاولياء بأياد فارغة فمن شأن ذلك ان يغضــب «الــولي الصالح» من زائــره وهـناك من جـهة ثانية قرابين الــدم التي تعتبر اكثر اهمية نظرا لقيمتها الاقتصادية والــرمزية واراقــة الدم والتــي تقــدم للأولياء بشــكل مناســباتي او سنوي.
محاولة فهم دلالاتها
ان ظاهرة تقديم الذبائح للأولياء قديمة جدا في المغرب, وتجد اصولها في الحفلات الزراعية التي يقيمها اجدادنا تتويجا للمواسم الفلاحية، حين كانت القبيلة تجتمع حول وليها، في احتفال سنوي يخرجها من اطار الروتين اليومي وتشكل المناسبة فرصة لنحر الاضاحي على شرف الولي الاب الروحي للقبيلة ومن لحومها تهيئ النسوة ولائم جماعية كانت تؤجج حس الانتماء الجماعي الى القبيلة الواحدة.
لقد كانت للقربان حينها وظائف اجتماعية وروحية لكن ضاعت الكـثير من ملامح تلك الحياة الجماعية الاولى واصبحت القرابين التي تنـحر اليـوم على اعتاب الاولياء فرديـة وبشكل عام يمكن التمييز بين اربعة انواع رئيسيسة من قرابين الدم التي تقدم للأولياء هـناك اولا القرابين التي تنحر من اجل التقرب الى ولي وهذه العادة الشائعة لا علاقة للمستوى التعليمي او الاجتماعي بانتـشارها، بدلـيل ان بعــضا من الاطر السامية في اسلاك السلطة الترابية اشتهروا باتيانها علانية فبمجرد تعيين عمال الاقاليم يهب بعضهم الى زيارة الاولياء الاكثر شهرة في اقاليمهم رجال البلاد، كما تسميهم العامة وذلك تحت اضواء الكاميرات او في زيارات خاصة يحملون اليهم هبات مالية وذبائح قيمة تليق بمقامهم المقدس كما تقــدم هـذه القرابين في فترات الموســم السنوي للولي او بغير مناسبة وهناك ثانيا القرابين التي يلتمس مقدموها من الولي ابعاد الشـر عنــهم التطهر من العكس، طلب الشفاء، صـرع الجـن، ثـم هـنـاك ثالـثا قرابين الـدم التي يطلب اصحابها من القوى المقدسة الخفية انجاح مشـروع او صفـقة نجــاح فـي الاعـمال، تيــسير زواج، الـخ.
واخيرا هناك القرابين المقـدمة استــيفاء لنـذر ســبق للمعني ان قطـعه على نفسه ففي حالات معينة يقطع الـزائر او الــزائرة على نفـســه عهـدا بأن يحــمل الى الــولي ذبيحة في حال ما تحقق مراده, وحين يقضي الغرض يصبح على كــاهل صاحب النــذر دين ينبغي عليه ان يستوفيه والا انقطعت عنه بركة الولي.
ان المطلوب من الولي في هذه الحالات كلها وفي المقابل قربان الــدم المقدم اليه هو بركته البركة التي يمنحها لمقدم القربان كي تطرد الــشر المــسلط عليه من الآخــر والبــركة التي توفر الحماية من العين والبركة التي تيسر سبيل النجاح وتقضي الاغراض كلــها وتضــمن استمراريتها.
الاتصال
ولكن كيف يحصل الاتصال مع القوى العلوية من خلال قربان الدم، من وجــهة نظر المــعتـقد الشعبي؟
- يرى ادموند دوتيه وهو ابرز الدارسين للظواهر السحرية في المجتمعات المغاربية انه لكي يكون القربان مكتملاً اي مستوفيا لشروط القبول يكفي المضحي وهو ينحر الاضحية ان يدعو التـأثير الخلاصي للقوى فوق الطبــيعة كي يحل التأثير في لحم الاضحية التي سيتناولها فيما بــعد، مع الاكــل ويضيف دوتيه ان ذلك يحصل عندما يتم نحر القربان في جوار الولي ان سيلان الــدم علي الاعتاب المقدسة للولي هو شرط واجب لطرد التأثيرات الشريرة من المضحي بواسطة الذبيحة ويستنتج ادموند دوتيه انه لكي يتم طــرد الشــر بشــكل فعــال من طرف صاحب القربان ولكي توضع الاضحية في اتصال جيد مع العلوي ينبغي ان يســيل الدم بغزارة.
وقد كانت تقــام حول بعض الاضـرحة الشــهيرة في المغـرب، مـجـازر حقــيقـية للحيوانات خلال فترات المواسم السنوية وكانــت الاســرة ترعى قــربــان الــولي طــيلة اشــهر او طــيلة الســنة حتى اذا حــل المــوعد السنوي المنتظر لإقامة الموسم حملته الى وليها لتسيل دماءه على جنباته المقدسة.
وفي دراسة قديمة كتبها الباحث الفرنسي لاوست اشارة عابرة حول غزارة الدم الذي كان يفيض على جنبات احد الاضرحة الشهيرة في المغرب اذ ـ حسب لاوست ـ خلال الموسم السنوي لمولاي ابراهيم 80 كيــلو متــراً عن مراكــش الذي يقام بعد عيد المولد النبوي بأيام كانت تقام مجزرة حقيقية للديكة البيضاء الدجاج البلدي طبعا الى درجة ان دماءها كانت تسيل غــزيرة في غــدران على عــتبة «الزاوية».
قربان النار
بالنسبة الى عالمي الاجتماع الفرنسيين اوبي وموس فإن القربان هو وسيلة للدخول في اتصال مع الالوهية من خلال كائن حي يتــم تدمــيره خلال الحفل ويكون هذا التدمير اما بالـذبح كما رأيــنا كما قد يكون بالحرق حــيث عرفت الحضارات البشرية منذ القدم عادات تقديم القرابين البشرية والحــيوانية لكننا لم نعثر على ما يفيــد بوجود ظــاهرة تقديم القرابين البشرية في المغــرب، خلال اي عصر بيــنما كانت قــرابين النار من الحيوانات شائعة على نحو علني وجماعي خلال بعض المناســبات ولا نعــلم ان كانت تمارس حتى اللحظة الراهنة في بعض المناطق ولعلنا نجد في الطقوس السحرية التي تتضمن التبخر ببعض الحيوانات الصغيرة بعد رمــيها حية في لهيب المجامر كالحرابي جمع حرباء والعقارب وغيرها والتي مازالت تمارس على نطاق واسع اشكالا متأخرة لكن فردية وخفية لقرابين النار التي كانت في السابق جماعية وعلنية ثم انقرضت من مجتمعنا.
لقد ارتبطت قرابين النار في بلادنا ببعض المناسبات التي يتم خلالها اشعال نيران المباهج مثل العنصرة ومن امثلة قرابين النار التي ذكرها لاوست عند قبائل جبالة في الشمال الغربي كانت ترمي جثــة قط متوحش في الغــابة اما قبائل بني كيلد بالمغرب الشرقي فكان افرادها الرحل يحرقون دجــاجة بيضاء خلال نفس المناسبة ويقول وستر مارك انهم كانوا يحرقون ديكا ابيض في خيامهم وان ذلك الــطقس كان هو كل احتفالهم بالمناسبة الدينية اما في مدينة سلا فإن النــاس كــانوا يحرقون طائر البوم في النار بينما في تزروالت في سوس جنوب المغرب كانوا يرمون للنيران بعض الاسماك.
وفي تفسير هذه العادات الغريبة لم يكتب الشيء الكثير لكن حسب وستر مارك دائما فإن الدخان المنبعث من جــثث الحيوانات يطهر في اعتقاد الناس ـ من التأثيرات الشريرة وينقل البركة ولــذلك كانوا يعتبرون قرابــين النــار مفــيدة للزراعة ولقطعان اغنامهم اما عالم الاجتــماع الفــنلندي منهاردت فيستنتج من دراسته للــظاهرة ان لذلك الدخان خصائص سحرية.
ولعل من اغرب قرابين النار التي عرفها المغاربة قربان الحلزون الذي كانت تقــدمه بعــض قبــائل الاطلس الكبير لنيرانها فحسب لاوست دائما كانت قبائل آيت ايسافن تبدأ احتفالاتها بالمناســبة الدينية بذبــح بقرة على عتبة المسجد ويحمل دمــها ليراق في المكــان المخصص لنصب الموقد المقدس او الشعالة وفي اليوم التالي تذهب الفتــيات لجمع الحطب اللازم في الغابة بينــما ينصــرف الفــتيان من جهــتهم لالــتقاط الحلزون الذي سيحتفظون به الى غاية اليوم الاخــير من احتفالاتهم.
وعنــدما تخــبو النيران في اللــيلة الاخيــرة وتوشــك ان تنطفئ يتقدم فتــيان القبــيلة نحوها ليــرمي فيــها كــل واحد منهم حفــنة من الحلزون وهم يرددون باللهــجة المحـلية «مـونات دلباس نون» اي انهم يحــملون الحــلزون كل شرور سنتهم المقبلة ليدمروها في النار ويتخلصوا منها.
الحيوانات والسحر
لا يخلو دكان من دكاكين الأسواق العامرة المتخصصة في بيع مستحضرات السحر من حيوانات محنطة (طيور، قوارض، زواحف، وغيرها) تتدلى ومن تحتها في السلال والأقفاص والقناني حيوانات أخرى تطلب حية (سلاحف صغيرة، قنافذ، حرابي,,, الخ), ويؤكد ذلك من دون شكل الحضور المهم للحيوانات في المعتقدات السحرية, على الرغم من أن المعروض منها لا يمثل إلا جزءاً ضئيلاً فقط من العالم الغريب الشائع للحيوانات المنذورة لأغرب الوصفات.
وحسب مصادرنا الشفوية واعتمادا على بعض مصنفات التراث السحري المكتوب، فإن من أهم العناصر ذات الأصل الحيواني المعروف، هناك مثلا: شحم القنفذ، عظام الحنش وجلد السبع والحنش والثعلب والغزال والذئب، والقنفذ والغزال، خصية الذئب وزبله، قشرة الأفعى ورأسها، عين الهدهد وريشه ودمه، دم الخفاش، دم الغراب، دم الثعلب، دم العصفور، الحرباء وبيضها، السحالي، البوم، مرارة الغراب، عش الخطاف,, الخ, هذا بالنسبة للحيوانات البرية، أما الحيوانات الأليفة، فأهمها: بعر الماعز واظلافه ومرارته، روث الحمار، بول الكبش وبول البغلة، وسخ أذن الحمار، دم الأرنب وكعبه وقلبه، بيض الدجاجة، بيض الديك (كذا) بيض النمل، مخ الديك الأبيض والأسود، مخ الحصان، مخ الحمار ولسانه، مخالب الدجاج، السمك، حوافر الدواب، البق، الذباب، الفئران وغيرها.
وان الاعتقاد في وجود خصائص سحرية لدى الحيوانات قديم جداً في المغرب، ومن المعتقدات التي مازالت شائعة حتى اليوم أن صوت البوم هو نذير شؤم، وأن ذلك الحيوان الليلي الذي يفضل العيش في الخرائب, إذا حلق أو وقف فوق ملابس الطفل الرضيع، حين تكون معروضة فوق حبل الغسيل، فإن الطفل عندما يلبسها يصاب بمرض شديد.
الكبش والدم
أما الكبش سيد القطيع الذي كان مقدساً لدى أسلافنا البربر في أزمنة غابرة وسابقة على الفتح الاسلامي، فإن نحره كأضحية في العيد الكبير، عيد الأضحى، ترافقه طقوس تحركها معتقدات سحرية، لاتزال تمارس حتى اليوم, فعند نحر أضحية العيد، تشرب «الشوفات»، وهن أولئك النسوة اللائي يمتلكن «بركة» كشف أسرار الغيب، كثيراً من دم الكبش الحار، لأنه يقوي لديهن القدرة على قراءة الغيب, كما يتم تجفيف ذلك الدم واستعماله للتبخر به أو في بعض الوصفات السحرية الأخرى التي تقوم بها المرأة لامتلاك قلب الرجل.
وتسمح القوة السحرية المضاعفة لدم أضحية العيد، لبعض العرافين بالتنبؤ بأحداث السنة المفرحة أو المفجعة وذلك بحسب شكل الدم، وبعض التفاصيل الثانوية الأخرى التي يمتلكون وحدهم أسرار استقراء مكنونها.
وليس الدم وحده، بل إن عظم كتف الكبش أيضاً يكشف لكل ذي عين بصيرة أحداث السنة التي تمتد من العيد الى العيد الموالي,,, وبعد قراءة «أسرار الكتف» كما تسمى، يتم الاحتفاظ بذلك العظم السحري الى غاية عاشوراء، حيث يتم التخلص من «سحره» بدفنه تحت اسم «بابا عيشور».
وإذا كانت هذه الطقوس السحرية لا تمارس في كل الأوساط المغربية، فإن هناك عادة ترتبط بمعتقدات سحرية لاتزال تمارس في كل البيوت, ونقصد بالطبع تعليق مرارة كبش العيد بعد نزعها من كبده على حائط بالبيت, وتبقى معلقة به الى أن يتم استبدالها بمرارة جديدة, وحسب المعتقد القديم الذي أطر هذه العادة القائمة على نحو واسع حتى اليوم، فإنه في المرارة يتم تركيز كل مرارة الحياة للتخلص منها خارج الذوات، كما أن تلك المرارة تحمي طرفي العلاقة الزوجية من الخصام، حيث تجذب اليها مرارة المشاكل الحميمة في البيوت.
حيوانات مائية
وتحظى الحيوانات المائية بقدر غير يسير من الأهمية في معتقداتنا السحرية، فنقط تواجد الماء، ولذلك يسود الاعتقاد في قدرة الجن على الحلول في بعض الأحياء المائية, ففي العيون المالحة التي تنبع من مغارة (ايمنفري) بضاحية دمنات تسبح سلاحف كانت تحظى باحترام وتقديس اليهود والمسلمين من سكان المنطقة، الذين كانوا يقدمون اليها القرابين.
أما في موقع شالة الأثري بالرباط، فعند خرائب قاعة الوضوء القديمة توجد عين ماء عذبة تعيش فيها أسماك حنكليس اليفة (تسمى محليا النون, مفردها نونة)، من بينها ملكة أصبحت منذ أمد بعيد غير مرئية، ويقال إنها سمكة حنكليس عجوز لها شعر ،وأذنان مسترخيتان, وفي كل يوم أحد، خلال ساعات الساخنة التي يكون فيها الجن أكثر حدة (شياطين الزوال)، وخطيرين لكي يسهل الوصول اليهم، كانت النسوة يعملن البخور على جنبات الصهريج وترمين قطع أحشاء الحيوانات وكريات من عجين الدقيق، مخاطبات الأسماك قائلات: «خذي عارك التي أعطيتنا، هذا العار ترمى علينا واحنا كنرميوه عليكم»، وحتى سنوات قليلة ماضية، يذكر كاتب هذه السطور أنه رأى نسوة ينثرن لأسماك الصهريج الظليل البيض المسلوق ويرمين اليها بقطع من النقود, ويحتل الدجاج موقعاً متفرداً في صدارة الحيوانات المستعملة في تحقيق أغراض سحرية, فالديك الذي يعلن عن فرار شياطين الليل في الضحى، لا شك أن له خصائص ينفرد بها عن غيره من الطيور الداجنة والبرية.
ولذلك ربما كان أكل الديكة أحسن طريقة لكي يصبح الرجل فقيها شهيرا، في تافيلالت,, بمعنى آخر فإن التغذية بهذا الطائر أو بعض أجزاء من جسمه (خصوصاً الرأس) يفترض فيها أن تمنح الإنسان الخصائص العجيبة للديكة،, وبالمثل يحظى الدجاج، بشكل أعم (ذو الريش الأبيض أو الأسود أو الأحمر، على الخصوص) بمميزات تجعله يستعمل في مالا نستطيع حصره من الوصفات ذات الأعراض المتنوعة.
وتستعمل الحرباء في وصفات ابطال مفعول السحر الأسود، بينما يستخدم بيضها في اعداد وصفات التوكال» التي تعطى «في الأكل، للغير بغرض القتل البطيء، وأيضاً لكل فتاة تشتكي من العنوسة، ينصح العشاب بالتبخر بالعرعار و«تاتة عويتقة» أي حرباء بكر كيف يميزون جنسها وعذريتها؟) ولأجل ذلك تهيئ الفتاة النار في مجمر، فترمي في لهيبها الحرباء المسكينة حية مع العرعار وتعرض نفسها للدخان المتصاعد الذي يعتقد أنه يبطل مفعول السحر المعمول لها، كما تستعمل الحرباء أيضاً لعلاج «التوكال» حيث يأخذ المصاب به، هذا الحيوان الكسول بعد أن يذبحه ويغسله، يتناول لحمه.
مخ الضبع ولسان الحمار
حسب لاوست، فإن شعوب الشرق الأوسط تقاسم المغاربة اعتقادهم في القوة السحرية للضبع، وربما كان اقتيات هذا الحيوان الجبان على جيف الحيوان والإنسان هو السبب في ما الصق به من قدرات عجيبة على التأثير في البشر بمجرد لمسهم لأي جزء من جسمه «لدرجة أنه يفقدهم عقولهم، ولذلك تخلط النساء الراغبات في الانتقام من أزواجهن، أو في ضمان خضوعهم التام، أجزاء من مخ الضبع في الأكل, ويحدث كبد الضبع نفس المفعول، كما تستعمل الأجزاء الأخرى من جسمه كالجلد واللسان وحتى البراز والبول في اعداد تمائم لحماية الخيل، وإخراس نباح الكلاب وزيادة الزبدة في «الشكوة».
وحسب بعض المصادر الشفوية، فإن وضع قليل من مخ الضبع فوق رأس الرجل يؤدي به إلى الجنون, أما إعطاؤه له مع الأكل فينتج عنه موته فوراً, ولا نملك تأكيداً من المراجع العلمية لهذا القول المخيف.
وفي الأوراق التي تركها الطبيب النفسي موشون (الذي شكل اغتياله في مراكش في بداية القرن العشرين المبرر المعلن للتدخل الفرنسي لفرض الحماية، نقرأ وصفة غريبة تجمع بين الخصائص السحرية المزعومة لكل من مخ الضبع ولسان الحمار، حيث كتب نقلا عن مصادره يقول: «لكي تهيمن المرأة على زوجها، تهيئ واحدا من الفصوص السبعة لمخ الضبع مع بعض التوابل (التي لا نرى داعيا لذكرها)، ثم تضعه في كيس صغير تحمله معها، وفي الوقت نفسه، تطعم زوجها لسان حمار تم جزه من الحيوان وهو لا يزال بعد حيا, وستصبح منذئذ سيدة البيت، اذ سيرتعد الزوج أمامها كما يرتعد الحمار في مواجهة الضبع.
ملاحظة
ونسجل هنا ملاحظة جديرة بالتأمل فعلى العكس من السحر الشعبي الذي يزعم أن من شأن لمس أي جزء من جسم الضبع أن يؤدي بالإنسان الى الجنون, لم نعثر في مصنفات السحر الرسمي (أي كتب السحر المتداولة) التي تأتى لنا الاطلاع عليها، أدنى وصفة تشير الى الاستعمالات الممكنة لأعضاء الضبع في وصفات بغرض إلحاق الأذى بالغير, وعلى نحو مفارق، جاءت كل الوصفات التي صادفناها محققة لأغراض «سلمية» نورد بعضا منها في الفقرة الموالية.
ربما كان ذلك احتراسا من رقابة الدين الذي يحرم السحر الأسود كما أسلفناه، أو ربما لكون الاعتقاد في القدرات السحرية القوية لأعضاء الضبع - وفي مقدمتها مخه - ظهرت في «المغرب في فترة متأخرة، ولاحقة على صياغة المصنفات إياها، التي وضعها بعض المتصوفة خلال العصر الوسيط.
والثابت أن خوف المغاربة من الضباع جعلهم يستهدفونها بالقتل المجاني، بهدف القضاء علىها في أماكن انتشارها في الجبال والصحارى, وكلما قتلوا ضبعا يسارعون الى قطع رأسه ودفنه في مكان آمن، بعيداً عن الأيدي الآثمة, ونتيجة لذلك، أصبح هذا الحيوان الجبان موضوعا على لائحة الحيوانات المهددة بالانقراض في المغرب، حالياً.
والثابت أيضاً أن مخ الضبع يعتبر من أندر المواد السحرية وأغلاها، إذ يصل سعر الغرام الواحد منه في الأسواق «السرية» الى مليون سنتيم، وإذا استحضرنا ذلك، فإننا سندرك دون عناء في التفكير، أن دماغ ضبع واحد يساوي ثروة حقيقية.
وبدرجة أقل، من حيث الشهرة في أوساط العامة، يشكل الحمار بديلاً مكملا في الوصفات التي تستهدف بها النسوة المقهورات كبح تسلط الأزواج, ويلح مصدر شفوي على أن جز لسان الدابة وهي على قيد الحياة هو شرط أساسي لضمان شدة المفعول السحري للسانها, بينما يتضاءل ذلك المفعول أو ينعدم حين يذبح الحمار، ليقطع لسانه بعد ذلك.
وتتطابق كل الافادات التي استقيناها حول الموضوع في حصر لسان الحمار في الاستعمالات المطبخية، عكس الاستعمالات المتعددة التي يتيحها مخ الضبع وأجزاء جسمه الأخرى.
وصفات للتأمل
هنا نقدم بعض وصفات التأمل السحرية
قلب النسر الملفوف في جلد الضبع، إذا كتبت عليه أسماء القمر ورسم يمثل كلبا يعض ذيله، فإن من يحمله لا تنبح عليه الكلاب.
عيون سرطان النهر والقط الأليف والهدهد إذا جففت في الظل وخلطت مع قدر وزنها من الكحل الأصفهاني ثم استعملت كقطرة للعين قبل طلوع الشمس، فإنها تسمح برؤية الجن.
قلب الثعلب وقلب البوم وقلب اليربوع (فأر البراري)، إذا جففت جميعها تحت الشمس ولفت في جلد أسد فإنها تحمي حاملها من الجن والإنس والحيوانات المتوحشة.
مرارة دجاجة سوداء ومرارة قط أسود ومرارة خطاف أسود ومرارة تيس أسود تجفف مع مقدار وزنها من الكحل مضافا اليها بعض المواد الأخرى، إذا تم تقطيرها في العينين «فإنها تسمح بالرؤية في ظلام الليل كما في النهار».
زبل الضبع إذا دهنت به احليلك وجامعت المرأة فإنها نجد لذة عظيمة، وكذلك إذا دهنت بلبن (حليب) الحمارة.
تأخذ مرارة كبش سمين وتطلي بها ذكرك عند الجماع، فإن المرأة تحبك حبا شديداً.
ينفع لتقوية الجماع أيضاً: «بيض الديك وقضيب الذئب ومرارته».
من أخذ شعر رأس كلب وبخر به، زال عنه الاعتراض (أي فك سحره).
لعدم الحمل: تأخذ خفاشة (أنثى الوطواط) تذبحها وارم مافيها (أي ما في جوفها) واعمله في الوسادة وهي (المرأة التي لا تريد أن تحمل) نائمة، فإنها لا تحمل أبدا ما دام الخفاش في الوسادة.
لعدم الحمل كذلك، تسقى المرأة بول بغلة كل شهر (أي تشربه) أو تشرب وسخ أذن الحمار، أو تعلق قلب الأرنب مع النعناع على جسمها، أو تتناول ثلاث أو خمس ذبابات بعد أن تفعصهم في مغرفة (ملعقة كبيرة) مع الزيت وتشربها، فإنها لا تحمل.
لرد الثيب بكرا: تأخذ مرارة ثور وتغمس فيها صوفة (أي قطعة من الصوف) وتدخلها المرأة في فرجها طويلاً، فإنها تعود كالبكر, ويضيف السيوطي مؤكدا أن هذه الوصفة مجربة (كذا).
لعلاج الحصى في الكلى: تأخذ روث الحمار (زبل الحمار طريا) وتعصره وتأخذ الماء الخارج منه وتسقيه العليل فإنه نافع له.
لكي تجعل امرأة عاقراً مدى الحياة، اجعلها تبتلع حبوب شعير سقطت من فم بغلة بعد أن تبللها بدم حيضها، أو تذبح طائرا وتحشو جسمه بقطعة ثوب مدنسة تؤخذ من الأشياء الخاصة بالمرأة المستهدفة، ويدفن الطائر في مكان مجهول، وإذا ندم الفاعل وأراد ابطال العملية السحرية، فما عليه إلا أن يخرج الطائر من قبره ويتبول عليه ثم يرميه الخ، فإن المرأة سوف تلد من جديد.
محاولة للفهم
ما وجه العلاقة بين قلب الأرنب ووريقات النعناع ومنع الحمل أو بصيغة أخرى، كيف يتشكل الاعتقاد السائد في وجود خصوصيات سحرية لدى الحيوانات؟
بالنسبة الى ادموند دوتيه، فإنه «من دون شك، نجد هنا ترابطاً بين أفكار غريبة لا نعرفها، ويمكن أن يحصل الترابط ليس بين الأحاسيس، ولكن بينها وبين الحالات العاطفية المرافقة لها، أو تلك التي رافقتها مرة واحدة (,,,,) فالشخص الذي حقق السعادة يوم حمل شيئاً معينا، نستنتج أنه كلما حمل ذلك الشيء إلا وسيحقق نفس السعادة,,»
إن الأمر لا يعدو أن يكون، برأي الباحث الفرنسي، سلسلة من المصادفات المتفرقة انتهت الى اقامة علاقة غامضة بين السبب والنتيجة.
ويشكل مبدأ التشابه المعروف لدى علماء الأنثربولوجيا، قاعدة عامة تكاد تقوم عليها أغلب الوصفات التي قدمنا نماذج منها, فإذا كان ترابط الأفكار التي انتجت لنا في نهاية المطاف الوصفات الغريبة، غير واضح المعالم، فإن اللجوء الى نظرية السحر التشاكلي، أو سحر المحاكاة، التي يقوم عليها المبدأ القائل بأن «الشبيبة ينتج الشبيبه» يسعف في تلمس بعض عناصر الفهم بخصوص موضوع الاعتقاد في وجود خصائص سحرية لدى الحيوانات.
فنقول بالنسبة للوصفة القاضية بأن يطلي الباحث عن إثارة الجماع عند المرأة، قضيبه بمرارة كبش سمين إن الكبش السمين يحيل على معاني القوة والفحولة, ونستنتج من ذلك أن استعمال عضو من أعضاء الحيوان القوي من شأنه أن ينقل الفحولة الى الشخص الذي يطلبها من خلال العملية السحرية.
أما الوصفة الأخرى التي أوردها الطبيب موشون والمتعلقة بجعل المرأة الولود عاقراً مدى الحياة من خلال جعلها تبتلع حبوب شعير سقطت من فم بغلة,, فمن المعروف أن هذا الحيوان ارتبط في ذهن المغاربة بعدم الانجاب، اذ تنفرد البغلة من دون باقي اناث الحيوانات الدواب بالعقم، حتى درجوا على القول بأنه «يوم تلد البغلة، ستفنى الدنيا في إشارة مجازية الى استحالة أن تنجب البغلة» وكذلك الأمر حين تدعي الوصفة الأخرى أن المرأة التي تسقى (تشرب) بول البغلة لن تحمل,,, فالفكرة المضمرة في كلتا الوصفتين أن المرأة التي تقسم البغلة شعيرها أو تشرب بولها، ستصبح شبيهة بها في عدم الانجاب, وقياساً على هذا المثال، تبدو الوصفات الأخرى قابلة لكشف ترابط الأفكار التي نسجت منها.
الدم والقربان,,, مشاعر سحرية غامضة ومخيفة
يثير الدم في النفس البشرية مشاعر غامضة، تتأرجح بين الخوف والتقديس، فسهولة انسيابه، حرارته لونه الاحمر القاني ورائحته المتميزة، جميعها خصائص تثير بعنف خيال الناس قليلي المعرفة, ان الدم هو طابو بالنسبة للمغاربة، اذ يحرمون تناوله في الأكل او شربه، ويحذرون ان يطأوا بقعة دم منتشرة على الارض, بل انهم يتجنبون مجرد الاقتراب من اماكن تواجد الدم لاعتقادهم في ان الجن يتردد عليها وبسبب كل ذلك وغيره يحظى الدم في اعقتادهم بخصائص سحرية تجعل منه احد العناصر المهمة في وصفات السحر سواء اكان دم بشر او حيوان.
فبالنسبة للسحر بالدم البشري يحفل التراث السحري بالكثير من الوصفات التي تستعمل في الغالب اما دم الشخص نفســه المســتفيد من العــملية السحرية وصفات سحر الحب (او دم المــوتى او دم الحبيب او الغريم) وسنكتفي من كل ذلك بنموذج واحد شــائع حــيكت حوله الكثير من المعــتقدات هو «دم المــغدور».
دم المغدور
يعتبر دم كل شخص فارق الحياة في حادث قتل عنيف دما سحريا يستعمل في وصــفات الحاق الاذى بالآخر.
وتتهم العجائز في شكل خاص باقتناص فرص الارتباك الذي يحصل بعد وقوع حــوادث الســير المميتة لأخذ قليل من الدم المتناثر على الاسفلت في قطعة ثوب او في ذيول الجلباب.
وحسب افادات بعض المصادر الشفوية فإن هذا الدم السحري كفيل بإحداث اضطرابات صحية خطيرة للأطفال الرضع الذين لم تظهر اسنــانهم بعد كما يستعمل من قــبل المــرأة التي تريد الانتقام من زوجها حيث يؤدي بالرجل الى فقدانه لقواه العقلية حيث سمــعنا قولا يردده بائع اعــشاب ومستحضرات سحرية يــنادي على الزبــائن في جوار ضريح ولي قائلا «هنا دواء دم المغدور ديري ليــه دم المغــدور ياش تحمقيه وتــخليه يدور» وهو ما يعكس مدى اعتــقاد العــامة في القــدرات العجيبة لهذا الدم اما بالنسبة للــطفل الرضــيع فإن الامهات يحرصن على إبــقاء اطفــالهن الــرضع بعــيدا عن النــساء اللــواتي لا يثــقن في نــواياهــن, وحسب ما هو شــائع، فإن مجرد دخول شخص يحمل وســط ملابــسه «دم المغدور».
والتقاط حاسة «الشم» لدى الرضيع الذي يكون حساسا خلال تلك السن المبكرة للأصوات والروائح، يكــون كافــيا لإصابة الرضيع باضــطرابات صحية قد ينجم عنها عدم التئام عظام جمجمته وتسمى هذه العــملية «الشم».
ولأن الشيء يحدث الاثر كما يحدث نقيضه بحسب الظروف فإن دما آخر تمنحه معتــقداتنا خصائص سحرية مباركة يبــطل المفــعول المــؤذي لدم المغدور، وهو دم اضحية العيد المعروفة في هذا الصدد نذكر:
عندما يبلغ الرضيع اربعين يوما تقص خصلة من شعر قفاه يضاف اليها قليل من الكبريت ودم اضحية العيد المجفف ثم تخفى في حجاب يعـلق في عـنق الطفل.
يؤخذ دم اضحية العيد مع الزعفران الحر والقرنفل والسـانوج وتمـزج هذه المـواد مـع الـزيت وحليب الأم ليدهن بها رأس الرضيع.
يمزج دم الاضحية مع مريوت فراسيون والروضة وزيت الزيتون ويدهن رأس الرضيع بهذا الخليط.
علاج بعض الأمراض
ولا يقتصر استعمال دم اضحية العيد على الوقاية من الآثار السحرية المؤذية لدم المغدور على الرضع، بل ان المجتمعات المسلمة في دول المغرب العربي تستعمل دم الضحية طريا لعلاج بعض الامراض العارضة التي تصيب الكبار ايضا, كما تقوم ربات البــيوت بأخذ كمية من ذلك الدم لتجفيفها والاحتفاظ بها قصد التبخر بها لطرد الجن كما يدق الدم المجفف ويخلط مع الحناء لعلاج بعض الامراض النسائية خصوصا منها تلك التي تصـيب الثدي.
والحقيقة ان دماء الحيوانات تستعمل على نطــاق واســع في اعمال السحر، الداجــنة منــها او المتوحشة, وتشــمل لائحــتها خليطا عجيبا من كل الكمــيات والاصــناف، ويمتد مــن دم البــقة الــى دم الثور.
قرابين الدم
يعني القربان في علم الاجتماع «كل ما يتقرب به الى القوى العلوية من ذبيحة وغيرها» وقد تكون هذه القـوى الهـا او غيرها من القــوى فوق الطبيعة الاخرى: جــن، اولياء، ارواح، الخ واذا كانت لكل قربان دلالته وقيمــته الرمزية فإن اكثر انواع القرابين قيمة هي الذبائح التي تراق دماؤها خلال طقوس دينــية او سحرية على مكان مقدس.
وتختلف طبــيعة القرابين باختلاف المــناسـبات والجهة التي تقدم اليــها والشائع في معتقداتنا ان الجن يفضل من القــرابين بشكل عام المواد الغــذائية مثل فول، حليب، كسكس باللــحم ومن دون ملــح، الــخ ومــن الذبائح التي تحظى بالأفــضلية لديه ذبائح الدجاج والماعز الاسود, وتقتضي طقــوس تقديمها ان ينحر طائر الدجاج الابيض او الاســود او الأحمر حسب المناطق والمناسبات والمقاصد في الاماكن التي يعتقد في تواجد الجــن بها خصوصا مجاري المياه العدمة ثم يترك دم الذبيحة يسيل وينــثر بعد ذلك ريشها وامعــاؤهــا كــي «يلــتهمــها الجن» مع منع القطط والكلاب من الــنيل من تلك الوليمة الغريبة.
وحسب بعض الإشارات التـاريخـية فإن بعـض الانهار المـغربية كانت تشـهد اراقة دماء الذبائح بهدف التقرب والتودد الى الجن الذي يعتقد السكان في وجودهم في مياهها كما كانوا يريقون دماء الطيور في المغــارات والآبـار وغيرها من الاماكن المعتقد في وجـوده فيها لكن القرابين المقدمة للأولياء المنتشرين بكثرة في المغرب تظل الاكـثر انتـشارا وعلانية.
وحسب الملاحظة، يمكن تصنيف هذه القرابين الى صنفين رئيسيين: من جهة نجد القرابين العادية التي تتوافد مع الزوار بشكل يومي حسب اهمية ودرجة شهرة الولي وتتمثل في الشموع والاعطيات المالية التي تقدم لدفــين الضريح من خلال اقرب الناس اليه اي المشرفين على ضريحه ويستمد هذا النوع من القرابين ضرورته وفق الاعراف القائمة من كونه يعتبر وســيلة تواصـل تسمح بربط وشائج علاقة روحية بين المريد وصاحب «المقام» اذ لا تجوز في عرف العامة زيارة الاولياء بأياد فارغة فمن شأن ذلك ان يغضــب «الــولي الصالح» من زائــره وهـناك من جـهة ثانية قرابين الــدم التي تعتبر اكثر اهمية نظرا لقيمتها الاقتصادية والــرمزية واراقــة الدم والتــي تقــدم للأولياء بشــكل مناســباتي او سنوي.
محاولة فهم دلالاتها
ان ظاهرة تقديم الذبائح للأولياء قديمة جدا في المغرب, وتجد اصولها في الحفلات الزراعية التي يقيمها اجدادنا تتويجا للمواسم الفلاحية، حين كانت القبيلة تجتمع حول وليها، في احتفال سنوي يخرجها من اطار الروتين اليومي وتشكل المناسبة فرصة لنحر الاضاحي على شرف الولي الاب الروحي للقبيلة ومن لحومها تهيئ النسوة ولائم جماعية كانت تؤجج حس الانتماء الجماعي الى القبيلة الواحدة.
لقد كانت للقربان حينها وظائف اجتماعية وروحية لكن ضاعت الكـثير من ملامح تلك الحياة الجماعية الاولى واصبحت القرابين التي تنـحر اليـوم على اعتاب الاولياء فرديـة وبشكل عام يمكن التمييز بين اربعة انواع رئيسيسة من قرابين الدم التي تقدم للأولياء هـناك اولا القرابين التي تنحر من اجل التقرب الى ولي وهذه العادة الشائعة لا علاقة للمستوى التعليمي او الاجتماعي بانتـشارها، بدلـيل ان بعــضا من الاطر السامية في اسلاك السلطة الترابية اشتهروا باتيانها علانية فبمجرد تعيين عمال الاقاليم يهب بعضهم الى زيارة الاولياء الاكثر شهرة في اقاليمهم رجال البلاد، كما تسميهم العامة وذلك تحت اضواء الكاميرات او في زيارات خاصة يحملون اليهم هبات مالية وذبائح قيمة تليق بمقامهم المقدس كما تقــدم هـذه القرابين في فترات الموســم السنوي للولي او بغير مناسبة وهناك ثانيا القرابين التي يلتمس مقدموها من الولي ابعاد الشـر عنــهم التطهر من العكس، طلب الشفاء، صـرع الجـن، ثـم هـنـاك ثالـثا قرابين الـدم التي يطلب اصحابها من القوى المقدسة الخفية انجاح مشـروع او صفـقة نجــاح فـي الاعـمال، تيــسير زواج، الـخ.
واخيرا هناك القرابين المقـدمة استــيفاء لنـذر ســبق للمعني ان قطـعه على نفسه ففي حالات معينة يقطع الـزائر او الــزائرة على نفـســه عهـدا بأن يحــمل الى الــولي ذبيحة في حال ما تحقق مراده, وحين يقضي الغرض يصبح على كــاهل صاحب النــذر دين ينبغي عليه ان يستوفيه والا انقطعت عنه بركة الولي.
ان المطلوب من الولي في هذه الحالات كلها وفي المقابل قربان الــدم المقدم اليه هو بركته البركة التي يمنحها لمقدم القربان كي تطرد الــشر المــسلط عليه من الآخــر والبــركة التي توفر الحماية من العين والبركة التي تيسر سبيل النجاح وتقضي الاغراض كلــها وتضــمن استمراريتها.
الاتصال
ولكن كيف يحصل الاتصال مع القوى العلوية من خلال قربان الدم، من وجــهة نظر المــعتـقد الشعبي؟
- يرى ادموند دوتيه وهو ابرز الدارسين للظواهر السحرية في المجتمعات المغاربية انه لكي يكون القربان مكتملاً اي مستوفيا لشروط القبول يكفي المضحي وهو ينحر الاضحية ان يدعو التـأثير الخلاصي للقوى فوق الطبــيعة كي يحل التأثير في لحم الاضحية التي سيتناولها فيما بــعد، مع الاكــل ويضيف دوتيه ان ذلك يحصل عندما يتم نحر القربان في جوار الولي ان سيلان الــدم علي الاعتاب المقدسة للولي هو شرط واجب لطرد التأثيرات الشريرة من المضحي بواسطة الذبيحة ويستنتج ادموند دوتيه انه لكي يتم طــرد الشــر بشــكل فعــال من طرف صاحب القربان ولكي توضع الاضحية في اتصال جيد مع العلوي ينبغي ان يســيل الدم بغزارة.
وقد كانت تقــام حول بعض الاضـرحة الشــهيرة في المغـرب، مـجـازر حقــيقـية للحيوانات خلال فترات المواسم السنوية وكانــت الاســرة ترعى قــربــان الــولي طــيلة اشــهر او طــيلة الســنة حتى اذا حــل المــوعد السنوي المنتظر لإقامة الموسم حملته الى وليها لتسيل دماءه على جنباته المقدسة.
وفي دراسة قديمة كتبها الباحث الفرنسي لاوست اشارة عابرة حول غزارة الدم الذي كان يفيض على جنبات احد الاضرحة الشهيرة في المغرب اذ ـ حسب لاوست ـ خلال الموسم السنوي لمولاي ابراهيم 80 كيــلو متــراً عن مراكــش الذي يقام بعد عيد المولد النبوي بأيام كانت تقام مجزرة حقيقية للديكة البيضاء الدجاج البلدي طبعا الى درجة ان دماءها كانت تسيل غــزيرة في غــدران على عــتبة «الزاوية».
قربان النار
بالنسبة الى عالمي الاجتماع الفرنسيين اوبي وموس فإن القربان هو وسيلة للدخول في اتصال مع الالوهية من خلال كائن حي يتــم تدمــيره خلال الحفل ويكون هذا التدمير اما بالـذبح كما رأيــنا كما قد يكون بالحرق حــيث عرفت الحضارات البشرية منذ القدم عادات تقديم القرابين البشرية والحــيوانية لكننا لم نعثر على ما يفيــد بوجود ظــاهرة تقديم القرابين البشرية في المغــرب، خلال اي عصر بيــنما كانت قــرابين النار من الحيوانات شائعة على نحو علني وجماعي خلال بعض المناســبات ولا نعــلم ان كانت تمارس حتى اللحظة الراهنة في بعض المناطق ولعلنا نجد في الطقوس السحرية التي تتضمن التبخر ببعض الحيوانات الصغيرة بعد رمــيها حية في لهيب المجامر كالحرابي جمع حرباء والعقارب وغيرها والتي مازالت تمارس على نطاق واسع اشكالا متأخرة لكن فردية وخفية لقرابين النار التي كانت في السابق جماعية وعلنية ثم انقرضت من مجتمعنا.
لقد ارتبطت قرابين النار في بلادنا ببعض المناسبات التي يتم خلالها اشعال نيران المباهج مثل العنصرة ومن امثلة قرابين النار التي ذكرها لاوست عند قبائل جبالة في الشمال الغربي كانت ترمي جثــة قط متوحش في الغــابة اما قبائل بني كيلد بالمغرب الشرقي فكان افرادها الرحل يحرقون دجــاجة بيضاء خلال نفس المناسبة ويقول وستر مارك انهم كانوا يحرقون ديكا ابيض في خيامهم وان ذلك الــطقس كان هو كل احتفالهم بالمناسبة الدينية اما في مدينة سلا فإن النــاس كــانوا يحرقون طائر البوم في النار بينما في تزروالت في سوس جنوب المغرب كانوا يرمون للنيران بعض الاسماك.
وفي تفسير هذه العادات الغريبة لم يكتب الشيء الكثير لكن حسب وستر مارك دائما فإن الدخان المنبعث من جــثث الحيوانات يطهر في اعتقاد الناس ـ من التأثيرات الشريرة وينقل البركة ولــذلك كانوا يعتبرون قرابــين النــار مفــيدة للزراعة ولقطعان اغنامهم اما عالم الاجتــماع الفــنلندي منهاردت فيستنتج من دراسته للــظاهرة ان لذلك الدخان خصائص سحرية.
ولعل من اغرب قرابين النار التي عرفها المغاربة قربان الحلزون الذي كانت تقــدمه بعــض قبــائل الاطلس الكبير لنيرانها فحسب لاوست دائما كانت قبائل آيت ايسافن تبدأ احتفالاتها بالمناســبة الدينية بذبــح بقرة على عتبة المسجد ويحمل دمــها ليراق في المكــان المخصص لنصب الموقد المقدس او الشعالة وفي اليوم التالي تذهب الفتــيات لجمع الحطب اللازم في الغابة بينــما ينصــرف الفــتيان من جهــتهم لالــتقاط الحلزون الذي سيحتفظون به الى غاية اليوم الاخــير من احتفالاتهم.
وعنــدما تخــبو النيران في اللــيلة الاخيــرة وتوشــك ان تنطفئ يتقدم فتــيان القبــيلة نحوها ليــرمي فيــها كــل واحد منهم حفــنة من الحلزون وهم يرددون باللهــجة المحـلية «مـونات دلباس نون» اي انهم يحــملون الحــلزون كل شرور سنتهم المقبلة ليدمروها في النار ويتخلصوا منها.
مواضيع مماثلة
» رؤيه الحيوانات في المنام
» لطرد الشر بخصائص الحيوانات
» وصفه للزواج مغربيه
» طقوس وعادات مغربيه
» وصقه سهله وخطيره مغربيه
» لطرد الشر بخصائص الحيوانات
» وصفه للزواج مغربيه
» طقوس وعادات مغربيه
» وصقه سهله وخطيره مغربيه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس أغسطس 02, 2018 12:48 pm من طرف thala
» اضرار الدوره الشهريه
السبت مارس 26, 2016 8:19 pm من طرف الشيخ جمال البدوي
» زوجك مش هيبعد عنك ابدا
السبت مارس 26, 2016 8:17 pm من طرف الشيخ جمال البدوي
» وصفه للزوجه المهجوره
السبت مارس 26, 2016 8:13 pm من طرف الشيخ جمال البدوي
» لمنع الحسد
السبت مارس 26, 2016 8:11 pm من طرف الشيخ جمال البدوي
» الطفل لا ينام بين ابويه
السبت مارس 26, 2016 8:09 pm من طرف الشيخ جمال البدوي
» لعدم بكاء الاطفال
السبت مارس 26, 2016 8:07 pm من طرف الشيخ جمال البدوي
» احذرو اكبر النصابين في الروحانيات
السبت مارس 26, 2016 8:05 pm من طرف الشيخ جمال البدوي
» اقل سعر في جلب الحبيب
السبت مارس 26, 2016 7:58 pm من طرف الشيخ جمال البدوي