اقاويل عن السحر

لماذا تركز المرأة ممارساتها للسحر علي مخلوق معين، دون غيره من جميع المخلوقات؟؟
أقصد: الرجل، سواء لاقتناصه 'كأنه إحدي الطرائق أو القنائص!' او اخضاعه، او للاستحواذ عليه، او سحره بكل معني الكلمة 'يعني تقلبه غزال أو حتي خرتيت!'.
تري، هل هذه الممارسات السحرية الوقائية *اذا صح التعبير* قد ورثتها المرأة عن جداتها الاوائل الفراعنة؟!
قطعا، وبكل تأكيد فان حكاية الملكة 'تي'، والفرعون رمسيس الثالث و'مؤامرة الحريم' الكبري التي دبرتها زوجته الثانوية هذه الطاغية الجمال والرقة، والتي تهيم به 'حبا وغراما' تثبت ذلك.


'مؤامرة الحريم' او بالأخري حريم الفرعون رمسيس الثالث، هي واقعة فعلية وحقيقية 'رمسيس الثالث قاهر جيوش البحر' اصدار الهيئة العامة للكتاب' مائة في المائة، وحدثت فعلا خلال عهد هذا الملك الذي يعد احد عظماء ملوك مصر الفراعنة ..وقد ذكرت أدب تفاصيل هذه المؤامرة 'الحريمي' الكبري في العديد من البرديات، كمثل: بردية تورين القضائية، وبرديات لي، ورولان، وفارزي، ونصوص ريفو..
ولكن 'بردية هارييس*1' ضمت كل ما يحيط بهذه المؤامرة الكبري: اسماء ووظائف المتآمرين، وجميع خطوات تآمرهم.بداخل قصر الفرعون في جناح زوجته الملكة 'تي'!!

* * *
كبداية، اعتمدت 'مؤامرة الحريم' هذه اعتمادا كليا علي الممارسات السحرية. حيث قام بعض كبار الكهنة المتآمرين مع الملكة، بإعداد تماثيل صغيرة من الصلصال الاحمر اللون 'لون شؤم!'، بعد ذلك، تم تخريمها بالابر في مواضع جسمها الحيوية، كما عزم عليها بعدة تعازيم وطلاسم.
وفي نهاية الأمر، وضعت تحت سرير الفرعون لايذائه والتخلص منه!! ولكن، لاشك انكم تتساءلون في عجب ودهشة: 'ولماذا كل هذا؟!!'
السبب: ان 'تي' الملكة الثانوية الساحرة الفتنة والجمال، حقيقة انها كانت تحب زوجها الفرعون الوسيم البطل الشجاع حبا جارفا..ولكنها، في ذات الحين، كانت تلح عليه دائما ان يجعل من ابنها المدعو 'بنتاورت' وريثا للعرش، من بعده، بدلا من ابنه الاخر من الزوجة الملكية المعظمة الاولي، واسمه 'رمسيس' ايضا 'رمسيس الرابع فيما بعد' ولكن رمسيس الثالث كان يرفض دائما طلبها هذا، مبينا لها ان العرش يجب ان يؤول شرعا لابنه رمسيس الذي انجبه من 'الزوجة الملكية المعظمة' الاولي 'التي علي ما يبدو، تجري في عروقها الدماء المقدسة'
وهنا، لم تحتمل الملكة 'تي' عار الهزيمة امام غريمتها 'الزوجة الاولي' او التخلي عن اطماعها واحلامها.. فعملت علي تدبير هذه 'المؤامرة' الكبري بداخل القصر الملكي نفسه في اطار 'حريم' الفرعون.. للاطاحة برمسيس الثالث: الذي تحبه وتهيم به غراما وعشقا!!
واستطاعت 'تي' أن تستقطب الي جانبها اهم الشخصيات المحيطة بالفرعون كمثل الكاتب الملكي 'ميسوي'، 'ونبت' احد كبار موظفي القصر بل عملت الملكة 'تي' ساحرة الفرعون وحبيبته الجميلة علي تأليب عدد من ضباط الجيش 'اقرباءلبعض وصيفاتها' المرابطين بفرقهم العسكرية في اراضي النوبة..لكي يهاجموا القصر الملكي.. لخلع الفرعون!!

ولكي يسهل الخروج والدخول من ابواب القصر، امرت 'تي' الكهنة* السحرة، ان يعدوا مشروبا سحريا منوما للحراس، تقوم زوجاتهم، وصيفات الملكة بدسه لهم!
ولكن الغريب والمدهش في الأمر، ان الملكة 'تي' اي العقل الانثوي المدبر الخطير لمؤامرة الحريم الكبري، قد طلبت، بالرغم من كل ذلك، من الكاهن الاكبر 'الواعب' ان يعد لها، هي شخصيا تميمة سحرية عاطفية، اكيدة الفعالية لكي تجعل الفرعون يزداد حبا وشغفا بها.. ولا ينظر لأي امرأة اخري، في حياته الدنيوية او حتي بعد مماته وانتقاله الي 'العالم الآخر'!!


المهم، ان الفرعون في نهاية الامر، تكشفت له هذه المؤامرة الخطيرة حيث اخبره احد خدمه المخلصين ان احد كبارموظفيه قد اوقد النيران في بعض ممتلكاته الخاصة علي مقربة من القصر!! ويعتبر ذلك بمثابة نذير بالشر والأذي ضده!!
وتم القبض علي جميع المتآمرين وقدموا الي المحاكمة العادلة، دون اي تدخل من جانب الفرعون، وعقدت في ساحة القضاء هيئة قضائية من اثني عشر قاضيا ورفض الفرعون النبيل تقديم زوجته 'تي' للمحاكمة ولكن ابنها 'بنتاورت' لتورطه الواضح حكم عليه بالاعدام!
وبعد اشهر عديدة، توجه رمسيس الثالث الي حريمه وهناك عندما رأي 'تي' نظر اليها نظرة عتاب تفيض ألما وحزنا عميقا.. وكأنه يقول لها: 'لماذا فعلت ذلك؟!!'
أما هي، فقد تضرج وجهها احمرارا، واخذت تتمتم في صوت خفيض للغاية: انني احب هذا الفرعون، حبا لاحدود له..ولكني، في ذات الحين امقته واكرهه بشدة..لانه اعاق ابني 'بنتاورت' من الوصول للعرش!